الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

التحرش واقع




قد يسبب ما سوف أقوله صدمة للبعض في مجتمعنا، لكن اشعر ان من الواجب علي ان انوه بأن التحرش الجنسي ليس سلوكا غير مرحب به ليس فقط لدى السعوديين أو المسلمين  بل في جميع المجتمعات  بمختلف خلفياتها الثقافية والدينية والاجتماعية و لدى جميع التوجهات الفكريةفي الحقيقة يعد التحرش الجنسي جريمة في غالب دول العالم، حتى في تلك الدول التي تكفل للافراد الحريه في سلوكياتهم الجنسيةالتحرش  مشكلة لا يستطيع سوى الاحمق إنكار انتشارها وخطورتها ولكن هذه المشكلة لا تزال في القانون في السعودية مجرد مشكلة لا ترتقي لمستوى الجريمة التي يتوجب التحذير منها وعقاب مرتكبها‪‪‪‪.


‫ ‪‪‪‪    العقل يقول لا يوجد أي سبب ديني أو أخلاقي يبرر التحرش الجنسي بأي شخص، مهما كان مظهره الخارجي، إلا أنه وللأسف ينحرف العقل لدى البعض فيعتبرون التحرش أو التهديد به  تحت شعار"تحرش فيها عشان تتأدب" دليل على الأخلاق العالية والغيرة الدينية!. قد يكون ذلك عائد إلى عادات متطرفة بشكل عام و ربما بسبب الخطاب الديني بشكل خاص، وهو في رآيي أحد أسباب انتشار التحرش بشكل بشع، ولست اتحدث هنا عن ما يحدث في بعض المخيمات وغيرها بل اعني حصر الخطاب بالنسوه، ثم تصويره للمرأة الطاهرة العفيفة بشكل واحد لا ثاني له مع تحريضة بشدة على أي أنثى تتمرد على هذا المظهر الموحد المثالي، ليصبح تدريجياً إظهار اليدين والعينين من المثيرات الجنسية، ويتحول كشف الوجه إلى جريمة أخلاقية من ترتكبها هي مجرد راغبة لا عفه لها ولا شرف يقدم عرضها قربان لأصحاب الغرائز والأخلاق الحيوانيةفيكون التحرش بها وسيلة تأديبية لها و رادع للمتمردات امثالها. من ناحية أخرى احد اهم اسباب استفحال التحرش وما اعتبره شخصياً جريمة توازي جريمة التحرش نفسها هو السكوت عن التعرض للتحرش، لأنها و بكل بساطة تسمح للمتحرش بتكرار جريمته مع الضحية أو عدة ضحايا بدون رادع‪‪‪‪.  


   الآن لتصحيح المفاهيم فقط ولنضعها "على بلاطةلا ينحصر التحرش الجنسي على النساء فقط، ولا يحدث بين السعوديين فقط، بل جميع الناس بجميع الأعمار والطوائف في جميع انحاء العالم نساء ورجال، أطفال وبالغين، سعوديين وأجانب، سائقين وعاملات في المنازل، ربات منازل و عاملات معرضين للتحرش الجنسي في أي وقت. تجاهل هذا الواقع وحصره بين البالغين من السعوديين لمعارضة قانون يجرم هذا التعدى مجرد حماقة و غباء لا محدود و للاسف الشديد سجل التاريخ ‪‪‪‪!. هذا الغباء بقيام فئة مؤثرة في المجتمع بالإعتراض على قانون يجرم التحرش خوفاً من اتخاذه عذر للاختلاط بين حاملين الجنسية السعودية داخل أماكن العمل متجاهلين تماماً اختلاطهم أصلاً في الأماكن العامة وداخل البيوت‪‪‪‪.


    المعارضين للقانون يضربون أمثله عدم جدوى القوانين في الغرب لأنها لم تمنع التحرش نهائياًنعلم ان القوانين المجرمة للتحرش وحدها لا تكفي لوقف الفعل لكن لا يعني ذلك الغاءها تماماً بل يجب تدعيمها بالمراقبة والمتابعة والتوعية مع زرع الوازع الأخلاقي منذ الصغر وتعزيزه بإستمرار لنضمن فاعليتهاوجود قانون يجرم السرقة حتماً لا يعني ان ننام و بيوتنا مفتوحة مع نثر مقتنياتنا في كل مكان، كما ان استمرار السرقات بوجود القانون لا يعني الغاءهوالقول ان الحل الوحيد لتجنب السرقة هي منع الناس من الخروج من منازلهم هو حل متطرف فاشل معطل للحياة إلا في حالة واحدة إذا كنا نعيش في غابة. وهذا ما ينطبق على التحرش أيضاً‪‪‪‪.


  المجتمع حالياً في أمس الحاجة إلى محاربة التحرش و كل ما نحتاج اليه هو بناء قاعدة ثقافية قانونية حامية تقوم على :

 • وضع سياسات قوية مكتوبة تحدد حرفياً السلوكيات المحظورة والعقوبات المفروضة على مرتكبها بوضوح مع تطبيقها بلا استثناء ونشرها على نطاق واسع على المقيمين والوافدين.
 • تفعيل اجراءات تظلم فعالة تحدد بوضوح الخطوات التي يجب اتخاذها لتقديم شكوى عند التعرض للتحرش مع وضع الحلول القانونية والمساعدات النفسية والدعم المعنوي للمشتكي.
 • إنشاء قنوات مجانية للابلاغ عن التحرش مع سرعة التحقيق من الشكوى و توفير استشارات قانونية عند التبليغ الرسمي أو لمجرد التوجية.
 • اعداد برامج توعوية فعالة للطلاب والموظفين من الجنسين وللأسرة بجميع أفرادها للتعريف بالتحرش وتفسير أشكاله ومواجهته والاعتراف به وكيفية تفاديه وإضافتها للمناهج المدرسية والأهم آلية التعامل مع المتحرش به و المتحرش سواء كان من أحد أفراد الأسرة أو من خارجها‪‪‪‪.


 متأكدة ان هذه الخطوات بجانب تعزيز الوقاية الدينية بالإلتزام بالحشمة وغض البصر سوف تكون فعالة أكثر من الحلول الفاشلة المتخذه حالياً بتقسيم المجتمع و عزل أفراده مع عدم تجريم المتحرش حتى يكتشف صدفه وهو يهتك عرضاً. مما أجر الضحايا على حبس أنفسهم بينما يتمتع المتحرشين بالحرية.


هناك 3 تعليقات:

  1. حقيقة موضوع التحرش له أكثر من جانب يتم الحديث فيه ، ومحاولة جعل أنه ليس لدينا نظام يحكمه فهذا صحيح، لكن من المعروف في الأنظمة والقوانين أن الحق الخاص لا يمكن أن يسقط بسبب عدم تجريمه في نظام معين، فلذا كل ما لم يرد نص بتجريمه أو أي أمر بخصوصه فهو يرفع للقضاء العام لينظر فيه ، والقضاء نظر فيما هو أقل من التحرش، لكن المشكلة ليست في وصول القضية وحكم القاضي، بل المشكلة متى تصل ؟ هل سيبلغ عنها أصلا؟ وهل سيتم التعامل معها بالستر كما هو حاصل ؟
    جميع القوانين والأعراف الدولية والعالمية وفي جميع الديانات السماوية يعد مثل هذا الاعتداء مجرم، ولا أحد يقول بأن من يُتحرش بها تستحق ؛ لأنها لم تتستر ، كل ما هنا لك هو وصف للحالة لا تبريراً لها ، وهذا هو الفرق ، فإن وصف الحالة وتفسيرها لا يعني تبريرها ، والفرق بين التفسير والتبرير كبير، ويكثر الخلط فيه ..
    ويكثر الكلام دائما عن مسألة كشف الوجه واليدين والخلاف فيها ... الخ ، فأحب تعليقاً هنا أقول: أن الخلاف في كشف الوجه منحصر في صورة معينة وليس خلافا عاماً مطلقاً ، والصورة هي : إذا لم يكن هناك فتنة من الكشف كجمال فاتن ولم تتجمل المرأة بوضع أصباغ وغيره، هل يجوز لها الكشف ؟ وغير هذه الصورة يعتبر في محل الإجماع، أي إذا كان في كشف الوجه فتنة أو وضعت أصباغا فإن هذا محل إجماع ، ومعروف محل الإجماع من الدين الإسلامي وقوته ..
    أعود لموضوع التحرش .. يجب عدم إغفال جانب منتشر في المجتمع وهو جانب " مانبي الفضايح" فوالد ووالدة الفتاة لايرضون بتعرض أبناءهم للتحرش لكن يتجاوزون على مضض بسبب الضغط المجتمعي في تقبل أو اتهام هذا الطرف أو ذاك، وهذه أعنقد أنها من الخصيصة السعودية القابلة لوضعها في الجانب السلبي ..
    المرحلة الأهم في نظري لمحاربة التحرش والتي تم إهمالها وعدم التطرق لها في المقال، هي محاربة أسباب التحرش ومحاربته قبل وقوعه ، فمن محاربة الأسباب محاربةُ أي سلوك يصنف أنه غير أخلاقي في مسائل اللباس والحشمة في الجانبين الذكوري والأنثوي .. لكن أهم نقطة في محاربة التحرش قبل وقوعه هو عدم إيجاد أرضية خصبة لإلتقاء الجنسين ماستطعنا إلى ذلك سبيلاً ، و التفريق في الاختلاط عموما بين الاختلاط العابر وبين الاختلاط المتعمد المقنن الذي يمكن التحرز منه ، ومن ثم سن قانون يجرم التحرش، فلذا تكون أكمل المراحل في محاربة التحرش هي ، عدم الاختلاط بين الجنسين ، ثم إصدار قانون يجرم التحرش ، ونحن بهذه الطريقة حاربنا طرق التحرش ، وإن حصل تحرش فالقانون موجود ..
    وقبل أن أنهي تعليقي أو التنبيه على أمرين:
    1/ الاختلاط ليس كله حرام، وليس كله مباح ، منه ماهو مباح ومنه ماهو محرم، وبعضهم وضع المحرم مكان المباح، واستدل بحل صورة معينة على حلها صورة أخرى، بجامع الاختلاط ، وهذا خلط كبير.
    2/ الخطاب الديني لا يمكن فصله عن قيم المجتمع أو أعرافه، فهو جزء منه، ولذا لا أعتقد أن الخطاب الديني يتحمل جزءاً كبيراً في هذه النقطة بالذات ..

    شكراً على المقالة وأعتذر عن الإطالة ..

    ردحذف
    الردود
    1. اتفق معك اخي محمد على اغلب ما تفضلت به عدى جزئيتين وهما:
      قولك بعدم وجود من يقول باستحقاق من يتحرش بها اعتقد ان وجود متبنين هذا الرأي لا يحتاج لاثبات فكثير منا شاهد بنفسه بعض من يعتبر التحرش تأديب لمن عتبرها متبرجة.
      و الجزئية الاخرى هي تقديمك لمنع الاختلاط بين الجنسين على القوانين و استغرب منك ذلك خاصة ان مجتمعنا معزول منذ عقود فلم يزده هذا العزل الا شذوذا, فلم يعد الجنس الاخر الممنوع فقط مرغوبا بل اصبح هوس مرضي ينخر المجتمع.

      و كالعادة اخي نتفق و نختلف و لكن يضل لرأيك كل الاحترام.

      حذف
  2. ((يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً* لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا *))(الأحزاب : 59 -62)قال ابن كثير رحمه الله : يقول تعالى آمراً رسوله تسليماً أن يأمر النساء المؤمناتـ خاصة أزواجه وبناته لشرفهن ـ بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية وسمات الإماء, والجلباب هو الرداء فوق الخمارقاله ابن مسعود وعبيدة وقتادة والحسن البصري وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وعطاء الخراساني وغير واحد وهو بمنزلة الإزار اليوم.قال الجوهري: الجلباب الملحفةقالت امرأة من هذيل ترثي قتيلاً لها:تمشي النسور إليه وهي لاهية &&& مشي العذارى عليهن الجلابيبقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أمر الله نساء المؤمنينإذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة, وقال محمد بن سيرين سألت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل: { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ }فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى. انتهت المناظره

    ردحذف